كتاب: فتاوى الرملي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي



(سُئِلَ) هَلْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي فَقَطْ صَرِيحٌ مُطْلَقًا أَوْ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا وَمَا الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ فَتْوَى أَهْلِ الْعَصْرِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَلْزَمُنِي فِعْلٌ مُضَارِعٌ صَالِحٌ لِلْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَلِهَذَا صَرَّحُوا بِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ وَغَيْرِهِمَا فَقَدْ قَالُوا: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ: أُطَلِّقُ لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ أَطْلَقَ لِلِاسْتِقْبَالِ فَإِنْ قَالَتْ: أَرَدْت الْإِنْشَاءَ وَقَعَ فِي الْحَالِ.
وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَنَا أُقِرُّ بِمَا ادَّعَيْته، لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، وَلَوْ قَالَ: أَبِيعُك هَذَا بِكَذَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحَ إيجَابِ وَنَظَائِرُ هَذِهِ كَثِيرَةٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامٍ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَتَوْجِيهُهُ بِأَنْ يَلْزَمَنِي مُسْتَعْمَلٌ فِي الْحَالِ لِلْعُرْفِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلَيْنِ مُتَزَوِّجٌ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنْتَ الْآخَرِ وَسَكَنَ كُلٌّ بِزَوْجَتِهِ فِي دَارٍ فَرَاحَتْ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ إلَى بَيْتِ أَبِيهَا غَضْبَانَةً، فَأَرَادَ زَوْجُ الْغَضْبَانَةِ أَنْ يُغْضِبَ بِنْتَه أَيْضًا فَرَاحَ إلَيْهَا فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَطَلَبَهَا أَنْ تَرُوحَ مَعَهُ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مَا يَرُوحُ إلَّا بِهَا وَأَطْلَقَ لَفْظَ الرَّوَاحِ فَخَرَجَتْ مَعَ أَبِيهَا الْحَالِفِ مِنْ دَارِ زَوْجِهَا فَوَجَدَهَا أَبُوهَا حَامِلَةً ثَقِيلَةً وَيُشَقُّ عَلَيْهَا الْمَشْيُ فَرَجَعَ الْحَالِفُ إلَى دَارِهِ وَتَرَكَ بِنْتَه فِي الطَّرِيقِ فَرَجَعَتْ إلَى دَارِ زَوْجِهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُحْ بِهَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِرَوَاحِهِ الْمَذْكُورِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ مَتَى رُحْتِ دَارَ أَهْلِك طَلَّقْتُك فَرَاحَتْ وَلَمْ يُطَلِّقْ حَالًا فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ حَالًا أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِعَدَمِهِ فَمَا الْجَوَابُ عَنْ جَوَابِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا عَنْ سُؤَالِ صُورَتِهِ مَا قَوْلُكُمْ فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مِنْ زَوْجَتِهِ أَنَّهَا مَتَى خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا إلَى السُّوقِ أَوْ غَيْرِهِ اشْتَكَاهَا مِنْ السِّيَاسَةِ بِأَرْبَعَةِ نُقَبَاءَ فَخَرَجَتْ مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَهَلْ لَهُ تَأْخِيرُ الشَّكْوَى أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِمَا صُورَتُهُ لَيْسَ لَهُ تَأْخِيرُ الشَّكْوَى بَعْدَ خُرُوجِهَا؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ يَنْحَلُّ إلَى قَوْلِهِ مَتَى خَرَجَتْ وَلَمْ أَشْتَكِ بِأَرْبَعَةِ نُقَبَاءَ مَثَلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِإِثْبَاتٍ وَنَفْيٍ وَمَتَى لَا تَقْتَضِي الْفَوْرَ فِي الْإِثْبَاتِ وَتَقْتَضِيهِ فِي النَّفْيِ لَكِنَّهُ هُنَا إنَّمَا تَقْتَضِيهِ بَعْدَ الْخُرُوجِ وَقَدْ وُجِدَ.
ا هـ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ طَلَّقْتُك مَعْنَى فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِرَوَاحِهَا وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ فِي الْحَالِ وَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الْحَالِفُ بِحَلِفِهِ شَكَوَاهَا عَلَى الْفَوْرِ بِدَلِيلِ تَقْدِيرِهِ الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْفَوْرَ فَلَا تَطْلُقُ مَا دَامَ إمْكَانُ الشَّكْوَى مَوْجُودًا؛ لِأَنَّ مَتَى فِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ تَقَعُ إلَّا فِي الْإِثْبَاتِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى النَّفْيِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّخْصِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ هَلْ هُوَ كِنَايَةٌ كَمَا قَالَهُ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ وَقَالَ: لَا نَصَّ فِيهِ لِلشَّافِعِيِّ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يَعْرِفُونَهُ طَلَاقًا وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ وَفِي الزِّيَادَاتِ لِأَبِي عَاصِمٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْتُك طَلَاقُك إلَى أَنْ قَالَ: وَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ طَلُقَتْ لِلْعُرْفِ وَلَوْ قَالَ: فَرْضٌ عَلَيَّ لَمْ تَطْلُقْ لِعَدَمِ الْعُرْفِ فِيهِ وَرَأَى الْبُوشَنْجِيُّ أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: طَلَاقُك عَلَيَّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَنَوَى وَقَعَ، فَوَصْفُهُ بِوَاجِبٍ أَوْ فَرْضٍ يَزِيدُهُ تَأْكِيدًا هَذَا لَفْظُ الرَّوْضَةِ وَكَلَامُ الْعَزِيزِ مُرَادِفُهُ وَوَجْهُ الِاقْتِضَاءِ أَنَّهُ مَا يُشَبَّهُ الشَّيْءُ إلَّا بِالْمُتَّفَقِ عَلَى تَرْجِيحِهِ أَوْ عَلَى الْقَطْعِ بِهِ فَاقْتَضَى كَلَامُهُمَا أَنَّ طَلَاقَك عَلَيَّ كِنَايَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ بِلَا خِلَافٍ وَيُؤَيِّدُهُ إنْ أَنْتِ طَلَاقٌ أَوْ الطَّلَاقُ كِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ هَكَذَا شُيُوعٌ فِي الشَّرْعِ وَلَا تَكْرَارَ فِي الْقُرْآنِ وَلَيْسَ جَارِيًا عَلَى قِيَاسِ اللِّسَانِ فَلَمْ يَكُنْ صَرِيحًا، وَإِنَّمَا كَانَ كِنَايَةً؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ قَدْ يَجِيءُ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} أَيْ غَائِرًا وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ الْمَحَلُّ مِنْ أَنْتِ طَلَاقٌ أَوْ أَنْتِ الطَّلَاقُ أَوْ طَلَاقُك عَلَيَّ وَمِثْلُهُ عَلَيَّ طَلَاقُك لِعَدَمِ الْفَارِقِ فَمَعَ مَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْمَحَلَّ مِنْ عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ الطَّلَاقُ عَلَيَّ أَوْلَى وَيَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي، وَالطَّلَاقُ وَاجِبٌ عَلَيَّ، وَبَيْنَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ ذِكْرُ مُتَعَلِّقِ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ فِي الْمِثَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَتَعْيِينُهُ لِمَعْنَى الطَّلَاقِ بِخِلَافِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِمَعْنَاهُ لِوُجُوبِ تَعَلُّقِ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ بِالْكَوْنِ أَوْ الِاسْتِقْرَارِ الْمُطْلَقِ وَذَلِكَ لَا يَتَعَيَّنُ لِمَعْنَى الطَّلَاقِ لِصَلَاحِيَّةِ الْكَوْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ الْمُطْلَقِ لِمَعْنَى الْفَرْضِ وَاللَّازِمِ وَالْوَاجِبِ بَلْ وَلِغَيْرِهَا عَلَى أَنَّ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَمْ يَشْتَهِرْ اسْتِعْمَالُهُ لِمَعْنَى الطَّلَاقِ إنْشَاءً.
وَإِنَّمَا اُشْتُهِرَ يَمِينًا لِمَعْنَاهُ مَعَ أَنَّ اشْتِهَارَ اللَّفْظِ بِمَعْنَى الطَّلَاقِ مَعَ احْتِمَالِهِ غَيْرَهُ كَانَتْ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُك لَا يُصَيِّرُهُ صَرِيحًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَمْ هُوَ صَرِيحٌ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ فِي هَذَا الزَّمَنِ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ، وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا: إنَّهُ الْأَوْجَهُ وَالْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ: إنَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَمْ لَيْسَ بِشَيْءٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ مَبْسُوطًا بَعْدَ إمْعَانِ النَّظَرِ فِيهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ قَوْلَ السَّائِلِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ صَرِيحٌ فَفِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ لِلصَّيْمَرِيِّ فَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ، أَوْ قَالَ: الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي، فَكُلُّ هَذَا صَرِيحٌ لَا يَرْجِعُ فِيهِ إلَى إرَادَةٍ. اهـ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ صَرِيحٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ النَّقْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْحَقُّ فِي هَذَا الزَّمَانِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ اُشْتُهِرَ بِهِ اشْتِهَارًا كَثِيرًا فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ غَيْرُهُ وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ الْمُفْتَى بِهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ. اهـ.
بَلْ سُئِلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَمَّنْ قَالَ: عَلَيَّ الْحَرَامُ مَا أَفْعَلُ كَذَا وَفَعَلَهُ فَقَالَ: يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ. اهـ.
وَتَوَجَّهَ صَرَاحَةً عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَيْضًا بِأَنَّ عَلَيَّ فِي عَلَيَّ الطَّلَاقُ لِلِالْتِزَامِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ طَلَاقُك لَازِمٌ لِي، وَأَمَّا مَا حَكَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبُوشَنْجِيَّ مِنْ أَنَّ الطَّلَاقَ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ كِنَايَةٌ فَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ وَلِهَذَا حَكَاهُ حِكَايَةَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: طَلَاقُك عَلَيَّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَنَوَى وَقَعَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ فِي الطَّلَاقِ عُرْفًا، وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَلَاقٌ أَوْ الطَّلَاقُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ وَالْمَصَادِرُ لَمْ تُوضَعْ لِلْأَعْيَانِ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِيهَا تَوَسُّعًا فَتَجِيءُ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} أَيْ غَائِرًا.
وَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
فَأَنْتِ طَلَاقٌ وَالطَّلَاقُ عَزِيمَةٌ

فَلَا تَأْيِيدَ فِيهِ لِكَوْنِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ كِنَايَةً، وَقَدْ عَلِمَ مِمَّا وَجَّهْت بِهِ صَرَاحَتَهُ أَنَّهُ كَقَوْلِهِ: الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَعَلُّقِ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ بِمُطْلَقِ الِاسْتِقْرَارِ فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ الطَّلَاقُ اسْتَقَرَّ عَلَيَّ أَوْ مُسْتَقَرٌّ عَلَيَّ فَلَا احْتِمَالَ فِيهِ لِغَيْرِ الطَّلَاقِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ اُشْتُهِرَ لَفْظٌ لِلطَّلَاقِ كَالْحَلَالِ أَوْ حَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ لَا يَصِيرُ صَرِيحًا عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فَلَمْ يُوضَعْ لِلطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ وَهُوَ لَا يُفَرِّقُ هُوَ وَلَا قَوْمُهُ بَيْنَ الطَّاءِ وَالتَّاءِ فَيَنْطِقُونَ بِالتَّاءِ مَكَانَ الطَّاءِ فَقَالَ: أَنْتِ تَالِقٌ أَوْ التَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ وَالشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ وَالسِّرَاجُ الْعَبَّادِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعَصْرِيِّينَ وَقَاسُوهُ عَلَى تَرْجَمَةِ الطَّلَاقِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ تَرْجَمَةَ الطَّلَاقِ مَوْضُوعَةٌ فِي لُغَةِ الْعَجَمِ لِلطَّلَاقِ فَلَمْ تَحْتَمِلْ غَيْرَهُ بِخِلَافِ التَّلَاقِ بِالتَّاءِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِغَيْرِ الطَّلَاقِ فَإِذَا اُشْتُهِرَ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ يَكُونُ كِنَايَةً فِيهِ كَحَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَحْوُهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمَذْكُورَةَ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا إلَّا بِنِيَّتِهِ وَقَدْ شَمَلَهَا قَوْلُهُمْ إذَا اُشْتُهِرَ فِي الطَّلَاقِ سِوَى الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ الصَّرِيحَةِ كَحَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ فَفِي الْتِحَاقِهِ بِالصَّرِيحِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْمُتَقَدِّمُونَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا. اهـ.
وَيُؤَيِّدُهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِهَا عِنْدَ نِيَّتِهِ أَنَّ حَرْفَ التَّاءِ قَرِيبٌ مِنْ مَخْرَجِ الطَّاءِ وَيُبْدَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِالْعَجَمِيَّةِ عَلَى رُؤْيَتِهَا الْهِلَالَ فَرَآهُ غَيْرُهَا فَهَلْ تَطْلُقُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْكَمَالِ بْنِ أَبِي شَرِيفٍ وَأَبِي يَحْيَى زَكَرِيَّا فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ وَالْبَهْجَةِ أَوْ لَا تَطْلُقْ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ حَيْثُ قَالَ: إنْ عَلَّقَ بِالْعَجَمِيَّةِ حُمِلَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ سَوَاءٌ فِيهِ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا فِي الْعَرَبِيَّةِ. اهـ.
وَكَمَا جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَهُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِ الزَّرْكَشِيّ فِي قَوَاعِدِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ إذْ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا لَا يَقْتَضِيهِ مَدْلُولُ اللَّفْظِ وَلَا عُرْفُ الْحَالِفِ وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَجَمِيَّ إذَا لَمْ يَعْرِفْ إلَّا ذَلِكَ فَالرَّاجِحُ الْفَرْقُ، وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ مِنْهُ مَا يَعْرِفُهُ الْعَرَبِيُّ فَيُتَّجَهُ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ. اهـ.
وَمَا ذَكَرَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِ الْقَفَّالِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي تَحْرِيرِ التَّنْقِيحِ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُحَالٍ كَقَوْلِهِ: إنْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا أَوْ حِضْتُمَا حَيْضَةً فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ هَلْ يُنَافِيهِ قَوْلُ صَاحِبِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ: إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً أَوْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ لَغَتْ لَفْظَةُ الْحَيْضَةِ وَالْوَلَدِ قَالَ شَارِحُهُ لِاسْتِحَالَةِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي حَيْضَةٍ أَوْ وَلَدٍ وَاسْتَعْمَلَ الْبَاقِيَ فَإِذَا طَعَنَتَا فِي الْحَيْضِ أَوْ وَلَدَتَا طَلُقَتَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي تَحْرِيرِ التَّنْقِيحِ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهُمَا يَلْغُو قَوْلُهُ: حَيْضَةً فَإِذَا ابْتَدَأَهُمَا الدَّمُ طَلُقَتَا، وَالثَّانِي إذَا تَمَّتْ الْحَيْضَتَانِ طَلُقَتَا وَهَذَا احْتِمَالٌ رَآهُ الْإِمَامُ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يَلْغُو فَلَا تَطْلُقَانِ، وَإِنْ حَاضَتَا وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ إنْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا. اهـ.
فَمَا فِي التَّحْرِيرِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ هُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَاتِهِ ثَلَاثًا بِإِرَاقَةِ خَمْرٍ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَكْرَهَهُ شَخْصٌ عَلَى شُرْبِ هَذَا الْخَمْرِ أَوْ إرَاقَتِهَا عَلَيْهِ فَهَلْ يُبَاحُ لَهُ شُرْبُهَا أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ شُرْبُهَا دَفْعًا لِضَرَرِهِ بِتَطْلِيقِ زَوْجَاتِهِ كَمَا ذَكَرَ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إذَا مَضَى لَيْلٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهَلْ تَطْلُقُ بِمُضِيِّ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ بِأَقَلِّ الْجَمْعِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَّا بِمُضِيِّ ثَلَاثِ لَيَالٍ فَإِنَّ اللَّيْلَ وَاحِدٌ بِمَعْنَى جَمْعٍ وَوَاحِدُهُ لَيْلَةٌ مِثْلُ تَمْرٍ وَتَمْرَةٍ وَقَدْ جُمِعَ عَلَى لَيَالٍ فَزَادُوا فِيهَا الْيَاءَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ.